اكتشف أحدث التطورات في عالم مرض السكري والمضاعفات ذات الصلة المنشورة في المجلات الأكثر تأثيرًا والمعروضة في المؤتمرات الدولية

الاضطرابات الأيضية في الكويت – هل جينات أسلافنا هي المسؤولة؟

تاريخ النشر

لماذا تنتشر السمنة والاضطرابات الأيضية بكثرة في الشرق الأوسط؟ هل خيارات النظام الغذائي ونمط الحياة هي السبب الرئيسي؟ قد تجيب دراسة جديدة أجريت في معهد دسمان للسكري عن هذا السؤال طويل الأمد. 

وجد الباحثون أن السرّ قد يكون في الجينات الموروثة من أسلافنا، والتي ساعدتهم في البقاء على قيد الحياة في ظروف الجفاف والحرارة الشديدة التي تتميّز بها الصحراء العربية.

يتزايد ارتفاع ضغط الدم والسمنة ومرض السكري، ما يؤثر على حياة الكثيرين في منطقة الخليج العربي. وتُعتبر السمنة على وجه الخصوص، والتي غالبا ما ينظر إليها على أنها وباء القرن الحادي والعشرين، مصدر قلق متزايد في الكويت. وتحتل الكويت المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة بين أكثر دول العالم بدانة، وفيها أعلى نسبة انتشار للسمنة في الخليج.

غالبًا ما تُعزى هذه الاضطرابات الأيضية الحديثة إلى قلة النشاط البدني واستهلاك الأطعمة الغنية بالسعرات الحرارية، والذي يُعزى بدوره إلى التوسع الحضري المتسارع في فترة ما بعد النفط في المنطقة. ولكن هل أسلوب الحياة الخامل والنظام الغذائي غير الصحي هما فعلاً السببان الرئيسيان وراء هذه الظروف الصحية الأيضية؟ ليس تماماً. فبحسب الدراسة الجديدة التي أجراها العلماء في معهد دسمان للسكري، ومقره الكويت – تؤدي العوامل الوراثية دورها على هذا الصعيد.

تقدّم الدراسة نظرة جديدة على السبب وراء الانتشار الواسع للأمراض الأيضية لدى الكويتيين اليوم. قام الباحثون بفحص مئات الآلاف من التنوعات الجينية داخل جينوم أشخاص كويتيين من أصول مختلفة. ووجدوا مناطق متعددة في الجينوم مرتبطة بوظائف الأيض والتي يبدو أنه تم انتقائها عبر الأجيال.

ويقول المؤلف الرئيسي في الدراسة الدكتور موثوكريشنان إياسوركانث أنها تسلّط الضوء على منطقة في الجين تسمّى TNKS، وهي ترتبط بارتفاع ضغط الدم والسمنة ومرض السكري من النوع الثاني. يقدم البحث الجديد شرحًا تطوريًا لارتفاع معدلات الإصابة بالسمنة ومتلازمة التمثيل الغذائي المرتبطة بها في الكويت. نُشرت الدراسة في مجلة Genome Biology and Evolution وفي Nature Middle East.

لماذا تم انتقاء هذه العناصر الجينية المسببة للأمراض لدى الكويتيين؟  

يشرح الدكتور إياسوركانث: ” قد تكون البيئة الصحراوية القاسية حفزت هذا الانتقاء”. ويضيف: “توقعت دراسة سابقة أن مقاومة الأنسولين وارتفاع ضغط الدم، اللذين يحفزان استجابة الجهاز العصبي السمبثاوي الشبيهة “بالكر والفر”، قد يكون مفيدًا في مجتمعات الصيد والجمع، عبر منحهم ميزة خاصة بهم من حيث حركة تدفق الدم”. وخلص العلماء إلى أن هذه التكيفات الجينية ربما منحت أسلافنا الكويتيين ميزة اللياقة البدنية للنجاة في الصحراء.

الماضي مقابل الحاضر: هل ميزة الأسلاف الكويتيين للبقاء على قيد الحياة تضرّ بالكويتيين المعاصرين؟

“لقد كان التكيف مع البيئات القاسية مفيدًا لبعض السكان. وأفضل مثال على ذلك هو التكيف البيولوجي والجيني للغوص في أعماق البحار عند البدو الرحل”، يشرح إياسوركانث. طورت قبائل الباجاو في إندونيسيا مع مرور الزمن طحالًا أكبر لإنتاج المزيد من الأكسجين أثناء الغطس، ما يتيح لها البقاء تحت الماء لفترات أطول. لكن بالمقابل، يبدو أن التكييفات الجينية التي طوّرها الأسلاف الكويتيون في الماضي لا تناسب الشعب الكويتي الحالي.
يقول الدكتور ثانجافيل ألفونس ثانراج، أحد كبار المؤلفين في الدراسة: “أدخل التحول السريع من الحياة الشاقة إلى نمط الحياة المتطور الخامل كل هذه الأمراض الأيضية الحديثة إلى حياتنا”. وأضاف: “تشير النتائج التي توصلنا إليها إلى أن الاتجاهات التكيفية السابقة قد تكون قد جعلت السكان الكويتيين أكثر استعدادًا للأمراض الأيضية الحديثة على المستوى الجيني”. تم إجراء البحث الممول من قبل مؤسسة الكويت للتقدم العلمي بالتعاون مع جامعة بافالو، نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية.

هل ترغب الاشتراك في قائمتنا البريدية؟